إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
السلف الصالح بين العلم والإيمان
15582 مشاهدة print word pdf
line-top
المراد بالسلف

البحث الأول: يتعلق بالسلف من هم؟
كثيرًا ما نسمع: قال السلف، وهذا منهج السلف، وعند بعض السلف. اصطلح العلماء على أن السلف هم أهل القرون المفضلة أهل القرون الثلاثة المفضلة يسمون السلف في الاصطلاح، ومن بعدهم يسمون الخَلَف إذا كانوا على الإسلام، أما المغيرون والمنحرفون فيقال لهم: خَلْف؛ يعني: خَالِفٌ بسوء، فالخَلَف معهم إيمان ولكن هم أنقص من السلف، والخَلْف: خَلْفُ سوءٍ كما في قول الله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ .
فالخَلْف: هو الذي يأتي مخالفا لمن قبله مخالفة كاملة. ونحن إنما موضوعنا عن السلف؛ وذلك لأن الخَلَف والخَلْف يحتاج إلى موضوع آخر.
السلف: هم أهل القرون المفضلة؛ يعني: الصحابة والتابعون وتابعو التابعين.
الصحابة: هم الذين رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- وآمنوا به، وماتوا على الإيمان (ذكورًا وإناثًا). وقد حازوا قصب السبق؛ وذلك لأنهم فازوا وسبقوا غيرهم بالصحبة بحيازتهم كونهم صحبوا النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخذوا عنه, وسمعوا منه, ولا شك في مزيتهم هذه وفي فضلهم.
بعدهم تلامذتهم الذين هم التابعون، التابعي: هو من رأى أحدًا من الصحابة، وعقل رؤيته؛ ولو من أصاغر الصحابة يعطى اسم تابعي؛ وذلك اصطلاحًا؛ لأنه تابع لمن قبله.
وتابعو التابعين: هم الذين رأوا أو أدركوا أحدا من التابعين، رأوا التابعين ولو من المتأخرين.
قد ذكروا أن الصحابة انقرضوا في القرن الأول قيل: إن آخرهم أنس بن مالك الذي مات سنة ثلاث وتسعين. وقيل: إن منهم من أدرك المائة كالطفيل .
أما التابعون فاستمروا؛ يعني: بقوا وعُمر بعضهم إلى أواخر القرن الثاني؛ ولكنهم يتفاوتون، فمن أكابرهم من أهل المدينة الفقهاء السبعة الذين أدركوا أكابر الصحابة كسعيد بن المسيب وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود والقاسم بن محمد بن أبي بكر ونحوهم من أولاد الصحابة الذين أخذوا عن كبار الصحابة وأدركوا الخلفاء أو بعضهم، ومن أصاغر التابعين من رأى بعضهم حيث ذكروا أن الأعمش أدرك أو رأى أنس بن مالك فكُتب له رؤية فأصبح من التابعين.
أما تابعو التابعين: فهم الذين ما أثر أنهم رأوا أحدًا من الصحابة، ومنهم بعض كبار الأئمة كمالك بن أنس وأبي عبد الرحمن الأوزاعي ومن في طبقتهما هؤلاء من أكابر تابعي التابعين، وفيهم أيضًا من العلماء ومن الأكابر حملة العلم من أثر عنهم شيء عظيم فهؤلاء هم السلف، تابعو التابعين مضوا أو بقوا إلى قرب القرن الثالث أو أواسطه، بعدهم أتباعهم الذين ما أدركوا أحدا من التابعين، أتباع تابعي التابعين ومنهم الأئمة؛ يعني: كالبخاري ومسلم والشافعي وأحمد ونحوهم هؤلاء من أكابر أتباع تابعي التابعين.
نقول: إن أهل القرون الثلاثة هم ومن في طبقتهم هم السلف؛ وذلك لأنهم مضوا قبل مَنْ بعدهم، سلفوا يعني: مضوا، السلف معناه: المضي، سلف الشيء معناه: مضى وانقضى وانقرض. هذا سبب تسميتهم بالسلف، أنهم سلفوا؛ ولكنهم سلفوا على الاستقامة، سلفوا على العقيدة السليمة، مضوا على عقيدة مستقيمة، ليس فيهم من هو منحرف ولا مبتدع؛ إلا من هو شاذ لا يؤبه له، ومن اضطهد وأُذل وأُهين.
في هذه الفترة التي هي فترة السلف كان العلماء الأجلاء، كان من بينهم علماء الصحابة الذين حفظوا العلم، وعلماء التابعين، وعلماء تابعي التابعين، هؤلاء من السلف، وكذلك منهم العُبَّاد ونحوهم من رجال ونساء. ولا شك أنَّا إذا اعتقدنا أنهم على الصواب كانت أقوالهم قدوة.

line-bottom